أعتقد أن مصير الأجهزة الأمنية و النظرة اليها بعد التغيير يعتبر واحد من أخطر المواضيع التي يتوجب البحث فيها قبل سقوط النظام.
كل سوري يقر و يدرك أن الأجهزة الأمنية أو المخابرات هي الوجه الأقذر للنظام بل هي السيف الذي طالما و ما زال مسلطا على رقاب الناس لذلك فاني أخاف أن يكون الهدف رقم واحد للشعب بعد اسقاط رأس النظام هو حل الأجهزة الأمنية أو تصفيتها.
قد يستغرب البعض هذا الطرح و ربما يصدم أو حتى يصعق البعض الاخر قولي بأني أخاف من أن يكون الهدف الأول للشعب بعد اسقاط النظام هو حل الأجهزة الأمنية و هي الأجهزة ذات الصيت الاسطوري في القمع و القتل و التنكيل و عليه بداية أود أن أؤكد على ان أي متورط في القتل من قبل الاجهزة المذكورة يجب تقديمه للمحاكمة لينال جزائه العادل و أي مسؤول فيها تورط بالتعسف في الاعتقال أو التعذيب يجب أيضا تقديمه للمحاكمة العادلة و هذا غير قابل للمساومة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
ثم بعد فرز كل من ارتكب جرائم بحق الشعب و تقديمه للمحاكمة يجب دمج كافة الأجهزة الأمنية و الحاقها بوزارة الداخلية كل عنصر بنفس الرتبة و الراتب على أن تقوم أول حكومة منتخبة بعد اقرار دستور جديد و دائم للبلاد بتأسيس جهاز للأمن الوطني يعين رئيسه و اللذي سيتولى تكوينه للمرة الأولى من قبل البرلمان و يتبع لرئيس الجمهورية و يفضل أيضا أن لا يسمح لأي شخص بأن يترأس جهاز الأمن الوطني التابع بدوره لرئيس الجمهورية أكثر من أربع سنوات لضمان عدم انحراف الجهاز عن هدفه .
و عودا على ذي بدء و تفسيرا لوجهة نظري بعدم طرح حل الأجهزة الأمنية أو تصفيتها فاني أود أن أذكر ما يلي:
1- ترتب على تسريح عدد كبير من جهز الكي جي بي في الاتحاد السوفياتي سابقا أن أصبح عدد منهم زعماء لعصابات و مافيات خطيرة جدا تملك القدرة على التلاعب بمراكز كثيرة في الدولة و ذلك بحكم ما يملكونه من معلومات و ما يتمتعون به من خبرة و احتراف في مجال التصفيات و القتل و تجنيد العملاء لهم و تنظيمهم.
2- ترتب على حل الجيش العراقي من قبل بريمر بعد احتلال العراق و ابعاد ضباطه المسرحين بالاضافة الى البعثيين من الحياة العامة أن عدد ليس بسيطا من الضباط المسرحين قد التحقوا إما بحركات المقاومة المسلحة و عدد آخر ليس بسيطا أيضا التحق بالحركات الارهابية و قسما منهم أيضا قام بتشكيل عصابات خاصة به عانى و لا يزال يعاني منها العراق و لا أتوقع أن يشفى في الزمن القريب.
3- ترتب على حالة العداء بين الشعب و جهاز الشرطة في مصر و من ثم القيام بحل ادارة أمن الدولة سيئة السمعة أن شريحة ليست بالبسيطة من الشعب المصري بدأت تترحم على أيام حسني مبارك و تلعن الثورة لما تعيشه البلاد الان من حالة عدم استقرار أمني خطيرة جدا . بالطبع في سوريا الوضع مختلف عن مصر حيث أن الأجهزة الأمنية في سوريا مستقلة من الناحية الفعلية عن وزارة الداخلية و الشرطة في سوريا لا يؤخذ عليها سوى استشراء الرشوى مثلها مثل أي دائرة حكومية أخرى و لكنها و الحمد لله لم توغل في دماء الشعب السوري على الأقل لذلك و بمساعدة الجيش سنتوقع حالة أقل من عدم الانضباط الأمني.
4- ان عدد المشتغلين بالاجهزة الأمنية و الاستخباراتية في سوريا يبلغ عشرات الالاف و بالتالي تخيلوا فقدان عشرات الالاف من الرجال لمصدر رزقهم خاصة و أن تلك الألوف من الرجال مدربين على القتل و يملكون كم هائل من المعلومات. أنا عن نفسي لا أتخيل سوى أنهم سيبدؤون بالتواصل مع بعضهم و تشكيل مافيات و عصابات تزعزع أية محاولة للنهوض بالبلد.
لذلك فاني لا أدعي أني أملك الان رؤية واضحة بل كل أرجوه أن يبدء الجميع و منذ الان التفكير بشكل موضوعي و غير عاطفي بمصير الأجهزة الأمنية و تقديم مصلحة الوطن و مستقبله على أي اعتبار آخر أو رغبة بالثأر مع التأكيد مرة أخرى على وجوب محسابة من ارتكب جرائم بحق الشعب حتى لو بلغ عددهم الالاف.
و الله ولي التوفيق
ف . ح . ش
معقول جدا
ReplyDeleteموضوع مهم جدا، ويجب فعلا التفكير فيه، ومحاولة صياغة رؤية سلمية واضحة تجاههم، شكرا لك
ReplyDeleteان الاجهزة الامنية تعتبر الاكثر فسادا في الدولة والاكثر دموية ولا انسانية و يعتبر عناصرها الاكثر تفلتا من القانون بل المتكبرين على القانون والاوصياء عليه لعشرات السنين. بذلك تتجلى استحالة امكانية تنظيف مثل هذه الاجهزة واعادة تأهيلها وتبرز خطورة المحافظة على عناصرها ككتلة واحدة اذ ان خطرهم مجتمعين قد لا يقل عن خطر تسريحهم. كما ان ما تحمله ذاكرة الشعب من مساؤى هذه الاجهزة وما فجعنا به جميعا من ممارساتهم في الاحداث الاخيرة تجعل من الطبيعي رفض الناس الكامل لوضع هذه الفئات تحت اطار وطني. طبعا وان كنت هنا اخالفك الرأي بالنسبة للحل الا اني اوافقك تماما فيما يخص الاشكالية واهميتها وضرورة معالجتها بكثير من التأن والحذر.
ReplyDeleteبداية اعتذر عن التأخر في الرد على التعليقات فالصفحة التي نشرت بها يديرها صديق لي في دولة أخرى .
ReplyDeleteو أود أن اشكر كل من قرأ و أدلى برأيه .
الحقيقة أني سأكذب اذا قلت أنني أملك رؤية متكاملة و انما هي مجرد فكرة أحببت طرحها للنقاش لخطورة الموضوع و أهميته علنا نصل من خلال التحاور الى بلورة رؤية تساعد في التعامل مع هذا الموضوع.
طبعا أنا ضد بقاء اجهزة الأمن ككتلة واحدة فذلك فعلا اخطر من حلها و لكن برأيي يمكن لوزير الداخلية بعد أن تحال عناصر هذه الاجهزة لوزارة الداخلية ان يقوم بمساعدة فريق من المختصين بتوزيعهم على الاقسام و المراكز بطريقة تمنع قيامهم بتشكيل تكتل جديد . هذه من جهة و من جهة أخرى فان سقوط النظام بحد ذاته كافي لاسقاط رهبة الناس من هذه الاجهزة و تحجيمها و بوجود حرية صحافة نتمكن من خلالها من فضح أي ممارسة خاطئة و قضاء مستقل يحاكم كل مسيئ دون خوف أو تحيز فان امكانياتهم بباختراق الدولة مرة اخرى ستكون اضعف بكثير .
شكرا
ف ح ش
شكراً عالموضوع المهم يلي عم يدور ببالي لفترة طويلة. بتوقع أكتر شي متوقع أنو كتير من هالعناصر وخاصة الشبيحة تتحول لمافيا ضد القانون يعني متل ما كانت موجودة قبل 15 آذار بس ما عاد القانون بيغظ النظر عنها وإنما بيحاربها.
ReplyDeleteكتير من القصص بالتاريخ بتخلينا نتوقع هيك مثلاً المافيا الإيطاليا وكيفية نشوءها.
بتمنى ما يصير هالشي بس للأسف هادا يلي شايفه لح يصير.