who we are

In freedom, justice and equality we trust!
we hope to fullfill the dream of a democracy in syria.
Everyone is invited to write something and to share his/her ideas with us. Please write in english, arabic or german only! The owner of the page reserves the right to decide what will be puplished.

Wednesday, December 28, 2011

شتاء قارس آخر.....تحية إلى سعيد حورانية...............عاصي أبو نجم



إن اعتماد السوريين في فصل الشتاء بشكل رئيسي على مادة المازوت للتدفئة، وعدم وجود بدائل حقيقية متاحة أمامهم جعل من ندرة المازوت في هذه الظروف الحرجة التي تمر فيها سوريا، أزمة حقيقية يعيشها الشعب السوري لا تجدي معها الخطابات ولا وعود الحكومة، ولا حتى المؤامرة شخصيا.

بدأت المشكلة مع أطفال درعا.. عفوا بدأت الأزمة بالتبلور قبل دخول الشتاء فعليا وزيادة الطلب على المازوت من قبل الناس بغرض التدفئة، اذا لوحظ قبل ذلك بوقت ليس بالقصير أزمة مازوت خانقة بالنسبة للأليات العاملة على الديزل، حيث أن أرتال الشاحنات والباصات كانت تشاهد لعدة كيلومترات خارج بعض الكازيات، وهذا المشهد غطى الساحة السورية بامتياز، حيث كانت ولا زالت الارتال تطول يوميا أمام احدى الكازيات، والتي يُعرف بأمر توافر المازوت فيها قبل عدة ساعات وربما قبل يوم واحد مما يضطر السيارات للمبيت أحيانا، ترافق ذلك مع اشاعات حول قيام مسلحين مجهولين بسرقة المازوت وتخزينه أو حتى سفحه على الأرض، أو قيامهم باختطاف الصهاريج، وأحيانا بشربه، كما يقول الموالون، في حين يغمز المعارضون من قناة الجيش ومركبات الدولة العاملة على الديزل والتي تتحرك على مدى ال 24 ساعة لاخماد حركة الاحتجاجات الشعبية المتفجرة على كامل مساحة الخريطة السورية، بما يتضمن ذلك من تحريك لقوافل الدبابات والآليات الثقيلة وناقلات الجند وباصات الشبيحة. الا أن العقوبات الاقتصادية الاوربية والأمريكية التي طاولت قطاعات وشركات التنقيب والاستكشاف والحظر على بيع المشتقات النفطية السورية بما فيه النفط الخام، تقتضي وجود وفرة في سوق الاحتياجات الداخلية، الا أن الواقع مختلف تماما، ويحتاج الى أجوبة تتمتع بمصداقية وشفافية لا تتوفر في الأطر الحاكمة حاليا.
دخلت الأزمة طورها الشعبي مع دخول الشتاء، وبدأ الناس بتعبئة المازوت وادخاره مثلما يفعلون كل عام، اذا أنهم يخزنون المازوت بخزانات تتراوح  حجما بين البرميل الواحد والخمسة براميل (البرميل =200 ليتر) علما أن البرميل الواحد يكفي لاشعال صوبيا واحدة 12 ساعة يوميا لمدة شهر واحد في المعدل، أي أن العائلة السورية التقليدية المكونة من خمسة أفراد تحتاج الى برميلين شهريا كحد أدنى. ويتم التزود عادة من خلال موزعين مرتبطين بالكازيات العاملة،  الا أن ندرة المازوت من جهة ولأغراض أمنية من جهة أخرى قامت الفرق الحزبية (حزب البعث العربي الاشتراكي) باحتكار عملية التسجيل والتوزيع على المواطنين، أي أن على كل راغب بالتزود بالمازوت مراجعة الفرقة الحزبية والتسجيل بها على الدور، بما يتضمنه الدور الحزبي من قفزات ومحسوبيات ومنع بحجة نفاذ الكميات اذا كان الشخص من المعارضة مثلا، وبما يتضمنه الاجراء بحد ذاته من اعادة تفعيل بعد طول نسيان لوضع الحزب  كقائد للدولة والمجتمع بعد كل محاولات ومؤتمرات الحوار الداخلية والضغط العربي والدولي باجراء اصلاحات (لا نذكر هنا انتفاضة الشارع ومطلبها الرئيسي باسقاط النظام، ولا مطالب المجلس الوطني وهيئة التنسيق والكثير من القوى المعارضة الأخرى) تبدأ بالغاء هيمنة الحزب الواحد على مفاصل المجتمع من خلال الغاء المادة الدستورية رقم 8 المكرسة لهذه الحالة من دستور 1971.
الا أن الأزمة تبدو أعمق من كل ذلك، اذ يتم تغطية معظم المحافظات السورية بالحد الأدني الممكن من المازوت، من قبل الشركة السورية للنفط  "سادكوب" مباشرة الى الكازيات بمقدار حمولة كاملة للكازية أو نصف حمولة اي 10000 او 20000 ليتر، ويتم تغطية كازيات لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة يوميا لكل محافظة وأكثر من ذلك  في دمشق وحلب، وتستثنى المحافظات الثائرة من ذلك أو تطبق عليها تقنينات اضافية وتوزيع على أسس غير وطنية تستهدف اثارة الفتن حتى في الحق بالدفء، وذلك كاجراءات عقابية جماعية. ثم تقوم الكازيات بدورها بالتوزيع وفق قوائم الحزب بسعر 15-16 ليرة لليتر، الا أن الفساد الضارب جذوره يقتضي تخبئة المازوت وبيعه في السوق السوداء باسعار تصل الى 20 ليرة لليتر، أي ما يقارب سعر المازوت الأخضر بحدود 22 ليرة\ليتر. الفقراء وغير المدعومين عدلوا عن فكرة التعبئة بغرض التخزين، فالمطلوب الآن التدفئة من يوم الى يوم لذا أصبح دارجا جدا مشاهدة أرتال طويلة وملتفة كالأفاعي لعبوات المازوت "البدونات" والتي يصل عددها أحيانا الى الألاف، وكثير من الأحيان تصدر فرمانات قراقوشية تفرض صرف 13 ليتر لكل مواطن فقط، مع كل ما يرافق ذلك من انتظار طويل بداية لقدوم الصهريج، والذي غالبا ما "يخطىء!" الكازية المحددة الى كازية آخرى ليبدأ بعدها سباق البدونات والشد واللكز والشتائم والمهاترات، وليس نهاية بتجمعات الناس المنتظرين لساعات قد تطول كثيرا وما يرافقها من آحاديث تستدعي مراقبة أمنية حاضرة دائما، خوفا من انقلاب هذه التجمعات الى مظاهرات، مما قد يريح بعض غلاة العلمانيين المتطيرين لمزاحمة الكازيات للجوامع.
من جهة آخرى برزت الفترة الماضية خلال أزمة الوقود، ظاهرة التحطيب الجائر للاحراش والأشجار حتى المثمرة منها، في تعديات خطيرة على الثروة الحراجية والأملاك الخاصة والمملكة النباتية،  اذ ازدادت مبيعات المناشير العاملة على البنزين "لحسن الحظ لا تعمل على الديزل" والمناشير الكهربائية، وراجت كثيرا مدافىء الحطب، ويرى يوميا العديد من الشاحنات المحملة بأطنان من الخشب الحراجي وخاصة السنديان، في ظروف من التفلت الأمني وحصر الدولة ومؤسساتها بملاحقة وتتبع المظاهرات وغض النظر عن كل ما عدا ذلك من انتهاكات خطيرة، وفي خطوة اعتبرت تشجيعا على التحطيب ، تم رفع سعر طن الحطب المباع من قبل الدولة من 1300 الى 1900 ليرة، في ما اعتبر تشجيعا للأفراد على عمليات القطع للغابات والأحراج المتبقية، اذ أن أحدا لن يدفع مثل هذا السعر كما يقول أحد الحطابين. وفي حين تكون عقوبة من يلقى القبض عليه متلبسا بجرم قطع أشجار حراجية التحويل الى المحكمة، أي "راحتلها سنتين تلاتة"، يبدو مستقبل الثروة الحراجية في سوريا خطيرا، مثل كل ما فيها، يلفه الغموض والتكهن، وتحف به الأخطار من كل الجهات، وفي ظروف تنعدم فيها الارادة والرغبة لدى السلطة في ايجاد بدائل حقيقة تنفع الناس في مواجهة هذا البرد القارس.
السوريون اليوم وهم على باب الاضراب العام والعصيان المدني ليسوا في أفضل أحوالهم، فمن جهة يحاصرهم الموت في كل مكان والاعتقال والتعذيب يشمل الجميع وبالجملة وظروف الاعتقال تنعدم فيها أدنى المتطلبات الانسانية، ويكون السؤال عن التدفئة رفاهية أمام البقاء على قيد الحياة، و من جهة ثانية  يحاصرهم البرد والشتاء وغلاء الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية لليرة وفقدان الكثير من المواد الأولية، وكما تقول إحدى أغاني الثورة: مازوت مازوت ما في مازوت.. في نار كتير وما في دفا.. في زمهرير ونص البلد اختفى... الا أنهم ما زالوا مدفوعين بقوة وعزيمة لا تلين، ورغبة عظيمة في اجتراح النصر.



No comments:

Post a Comment