who we are

In freedom, justice and equality we trust!
we hope to fullfill the dream of a democracy in syria.
Everyone is invited to write something and to share his/her ideas with us. Please write in english, arabic or german only! The owner of the page reserves the right to decide what will be puplished.

Monday, October 24, 2011

الكوتا السورية للقتل .. والاستراتيجية الغائبة..



يوما بعد آخر يكتسب الحدث السوري صفة المعضلة، توازن القوى الكلي يسمح للسلطة بانجاز أعمال قتل يومية تصل الى العشرات، واعتقالات وجرحى دون سقف تقريبا، وينقل الصراع الى مرحلة جديدة عنوانها  حرب استنزاف السلطة المفتوحة ضد الشعب.

السلطة السورية تدرك تماما تلازم حلها الأمني مع بقائها، كشرط وحيد أعادت به انتاج نفسها أمام كل تحد واجهته طيلة العقود الخمسة الماضية، منذ وصول البعث الى الحكم في انقلابه العسكري الشهيرعام 1963 الى اليوم، فهي أقامت تفارقا طبقيا عن عموم السوريين وسكنت طوابقه العليا، وافترقت نهائيا عمن جائت باسمهم الى الحكم، لا بل قد انهارت ظروف العمال السوريين المعيشية وأصبحوا عمالا مأجورين لماكينة ضخمة أسست لرأسمالية الدولة (لم يكن بحال من الأحوال خروجا عن نمط الانتاج الأسيوي وترافقه دائما مع دولة الاستبداد) التي أصبحت بدورها (الدولة) أداة بيد السلطة الرأسمالية الاحتكارية ومصدرا للاثراء دون تشكيل تراكمها الاقتصادي و بالتالي احداث فرق اقتصادي ملموس في حياة السوريين، الذين تحولوا بدورهم وبعد افقار البرجوازية الصغيرة وتهميشها سياسيا الى جيش احتياطي من العمال يتم ترحيله الى مناطق الوفرة النفطية، وشتات المغتربات. ترافق تلك الهجرة الخارجية مع هجرة سكان الريف الى المدن والسكن في ضواحي البؤس، وافلاس القطاع العام وخصخصة قطاعات مهمة منه كنتائج التخطيط المركزي البيروقراطي الارادوي واستفحال الفساد، وتماوت الأراضي الزراعية  نتيجة التمدد السرطاني للبناء والعقارات والمشاريع السياحية وعقليتها وهروب الأجيال الجديدة من أسر الفلاحين التقليدية الى المدن بحثا عن الخلاص وهربا من البؤس، وطبعا كسبب اضافي قاتل وهو التغيير المناخي العالمي (كنتيجة الاستهلاك غير المحدود للموارد دون التنمية المستدامة كنتيجة للعقل الرأسمالي المسيطر عالميا) الذي فرض سنوات جفاف عجاف مؤخر.
السوريون المثقلون بحمل الديكتاتورية، يدركون بديهية ترافق القمع السياسي مع انهيار مستوى المعيشة، والبطالة، والافقار غير المحدود لمجمل مكونات المجتمع وتحويلهم الى جيش العاطلين عن العمل الذين لا يملكون سوى قوة عملهم في سوق الرأسمالية الاحتكارية الريعية السورية، ويدركون ترافق تهميشهم سياسيا مع اذلالهم اقتصاديا، لكنهم الآن يضيعون في متاهات المعارضة السورية وبرامجها: من اسقاط النظام بكل أركانه ورموزه حسب المجلس الوطني، واسقاط النظام الأمني الاستبدادي، وان عدل ذلك لاحقا الى اسقاط النظام ومرتكزاته وفق هيئة التنسيق، وكلهم يجمعون على بناء الدولة المدنية الديمقراطية، كبديل عن احتكار السلطة السياسية القائمة، أي انجاز برنامج الثورة البرجوازية الديمقراطي، واقامة ديمقراطية ليبرالية، تلغي التهميش السياسي، وتقيم دولة المواطنة والمساواة والقانون. الا أن الاشكالية الرئيسية التي تواجهنا هنا هي غياب الاستراتيجية!.
كيف يمكن تحقيق مطالب الشعب بالخبز والحرية ؟ كيف يمكن الانتقال من الاستبداد الى الديمقراطية؟ من دولة الاحتكار والتمييز الى دولة الوفرة الاقتصادية؟ من حكم النخبة المتعالية وأدواتها الأمنية-المالية الى حكم الشعب والمساواة والعدالة الاجتماعية؟ ما هي برامج التحول، وخططه وآلياته، وباختصار : ما هي الاستراتيجية الكافية واللازمة لانهاء حالة الاستعصاء الدموي القائمة وايقاف نزيف الدم اليومي، حيث نجد أنه لم تتبلور لحد الآن أي رؤية استراتيجية لدى أطراف وأطياف المعارضة وتجمعاتهم الرئيسية، مما يوجه أسئلة مهمة حول انتماء المعارضة الى الثورة، أو سباحتها بعيدا عن التيار.
 وتواجه الحراك معضلات تصعب الاجابة الافرادية عليها ضمن غياب الرؤية الواضحة لتطور الثورة مثل: هل الانشقاق العسكري المسلح وتشكيل الجيش السوري الحر هي جزء من الشكل التطوري الطبيعي للثورة السورية بما يستتبعه ذلك من احتمالية ايجاد منطقة عازلة مفروضة بقوة الخارج، او الداخل، لحماية المنشقين وتأمين موضع قدم لهم باتجاه تحرير بقية الأرض السورية، أم ضرورة ابقاء السلمية بحدها الأقصى وتفعيل العصيانات المدنية والاضرابات، وتفعيل شرائح لم تتدخل لحد الآن رغم كونها متضررة مصلحيا من استمرار النظام كما كان سابقا أو الحالة الراهنة أيضا؟ أم مزيج منهما يميز بين مناطق العسكرة ومناطق الحراك المدني اللاعنفي؟ هل التدخل الخارجي العسكري هو الأقل تكلفة أم أغلاها، وهل يمكن انجاز الثورة بالاعتماد على القوة الداخلية للشعب المنتفض فقط؟
لتوضيح الاستراتيجية المطلوبة يجب أولا الاجابة على أسئلة من النمط التالي: على ماذا يثور السوريون ومن هم أعداء الشعب؟ ومن هم الثائرون حاليا؟ كيف يمكن كسب الثورة بأقل الخسائر الممكنة ودون التدخل الخارجي وبالاعتماد على الثقة المطلقة بقدرة الشعب؟ كيف يمكن مواجهة تخوف الأقليات الدينية ودمجها في التغيير؟ كيفية مواجهة بروباغندا السلطة ومكينتها الاعلامية التفتيتية؟ وكيف يمكن كسب بقية المتفرجين المتضررين؟ ما هي الخطوات اللازم اتخاذها لانجاز شرط اسقاط النظام القائم دون الوقوع في فخ الطائفية الذي تلعب السلطة على أوتاره منذ نشأتها؟ وما هي الخطوات التالية باتجاه اقامة نظام ديمقراطي تعددي يحقق العدالة والمساواة والتنمية؟ أي ما العمل؟
من هنا نجد أن أحد اشكاليات المعارضة السورية تبدأ بتبني الرؤية والتحليل البرجوازيين فقط، باعتبار الثورة هي ضد الاستبداد السياسي فقط، وبالتالي تخرج من حسابها للقوى أصحاب المصلحة الرئيسية بالتغيير وهم وقود الثورة ونارها، المهمشين المبعدين المذلين العاطلين عن العمل والحلم، مفجري الربيع العربي وأصحابه. وربط الثورة بمجموعة أشباح البرجوازية الصغيرة وتعميم مطالبها وسحب البساط من تحت أقدام الثائرين الجياع للخبز والحرية والباسهم عباءة النبلاء الليبرالية بالاصرار على كونها ثورة الكرامة والحرية فقط. وبالتالي عدم تسمية الأشياء بتسمياتها وانجاز تفارق حقيقي عن الواقع، والوصول الى نتائج ومطالب تزداد بعدا وتفارقا عن طبيعة الحراك، وبنيته، وهدفه. وطلب انجاز مهام هي بالضرورة أساسية للحراك ولكنها ليست الوحيدة فقط. فليس المطلوب استبدال سلطة بأخرى دون تغيير جوهري في بنية النظام تمس جوهره الاقتصادي وعلاقات العمل والانتاج ضمنه بحيث تلغي استغلال الدولة للعمال باسم القطاع العام ورأسمالية الدولة وتضمن عدم امكانية استبدال استبداد سياسي اقتصادي باستبداد اقتصادي وديمقراطية ليبرالية.
كما أن الثورة اليوم تواجه تحالفا تقوده السلطة الأمنية القائمة، ويمتد ليشمل طيفا واسعا من الدول والمصالح المتنازعة ظاهريا، ترى ضرورة في اجهاض الربيع العربي المتفجر في الحلقة الأضعف للرأسمالية ووقف مده الثوري من ملامسة قرار وعمق الأزمة العالمية (أزمة الرأسمالية)، عبر محاولات اعادة توجيه اهدافها وتحويلها الى مطبات المخاوف الطائفية والحرب الأهلية والتفتيت لبنيان المجتمع، والتشتيت عن الهدف الرئيسي، لكن هذا يبدو وكأنه تحالف غير دائم، وخاصة مع بدء تعمق الحراك الثوري في العالم وهبوب ريح التغيير لتصل الى المراكز الكبرى في حركات مثل احتلوا وول ستريت أو احتلوا معا وغيرها، التي يلاحظ مدى نضجها الطبقي، وتفاعلها التبادلي مع الثورات العربية، وتضامنها مما ينبئ ببداية تشكل عالمي جديد قد يكون أممية جديدة.
المطلوب اليوم من الناشطين في الثورة السورية على الأرض، فهم ضرورة تشكلهم في تيار واحد ذو رؤية داخلية موحدة، يبلور من خلال العمل الثوري استراتيجيته المبدئية وتفصيلاتها وخطواتها ويترجمها في برامج عمل جزئية توزع على كل المنتفضين، تتطور وتغتنى من خلال العمل الميداني السلمي وتُدخل أشكالا جديدة يومية للاحتجاج والرفض تجبر السلطة على تقديم التنازلات الحقيقية لصالح من كانت تنكر حتى وجودهم، وتوقف تحت ضغط الداخل السلمي آلية القتل الممنهج الحاقد، وتخلي سراح المعتقلين، وتحاسب هرم القتلة واللصوص، وصولا الى تنازلها الكلي عن السلطة لصالح أصحابها الشرعيين، مهتدية في كل ذلك برؤية عن البديل المتخيل وكيفية الوصول اليه، وادخال المجتمع السوري بكليته في عملية التغيير الديمقراطية، التي ستنتج في نهاية المطاف الدولة السورية المنشودة. 
   M.Z

No comments:

Post a Comment