who we are

In freedom, justice and equality we trust!
we hope to fullfill the dream of a democracy in syria.
Everyone is invited to write something and to share his/her ideas with us. Please write in english, arabic or german only! The owner of the page reserves the right to decide what will be puplished.

Thursday, September 29, 2011

البيت الزجاجي السوري رياض بهلوي

إن سوريا اليوم بما يحدث فيها والعطش الاعلامي العالمي لتغطيتها، هي أشبه ما تكون بالبيت المصنوع من الزجاج السوري المحلي، أي أقرب ما تكون الى الموزاييك الزجاجي المشوب بجميع ألوان ومشاكل الداخل وتفاعلات الخارج.
وبالنسبة لمراقب خارجي فانه سيلاحظ بسهولة بعدا أو وجها واحدا لهذا الوضع وهو صورة مباشرة، تظهر ما يحدث في الداخل السوري. وبالنسبة لمراقب آخر داخلي، وعبر الصورة الأولى المنقولة بشكل حي ومباشر حينا وتسجيلا عبر كاميرات المتظاهرين أحيانا، فان هناك بعدا اضافيا منعكسا الى الداخل ومرتدا عن الزجاج.
 سوريا الدولة الحديثة والمعاصرة، سوريا الجمهورية الرابعة المعينة والمستمرة منذ نصف قرن الى الآن، كانت غرفة سوداء مظلمة، تضيع فيها القطط السوداء، لا شيء يخرج منها، والداخل اليها ضائع. وهي ظلت لأسباب عالمية تتعلق بالحرب الباردة، وأخرى محلية تتعلق باستدامة السلطة، منعزلة عن مواكبة التغيرات العالمية، مكتفية بحالة كفاف وعوز شعبية، واثراء سلطوي. وترافق ذلك مع اغلاق جميع المنافذ الاعلامية والسياسية ومنافذ تنظيم المجتمع لنفسه واعادة انتاج علاقاته المدنية، فصارت البلد سجنا كبيرا يدار عبر قنوات أمنية خاصة تضمن الولاء عبر الترهيب من جهة واستدامة الفقر والعزل من جهة ثانية.
لكن اليوم ومع نتائج العولمة، وتحويل الكوكب الى قرية صغيرة ودخول وسائل الاتصال الرخيصة الى جميع البيوت، صار من المستحيل ايقاف الزمن واستمرار العزل، لأنه لا يضمن استمرار الثروة بالنسبة لمجموعة الحكم الضيقة، ولا فتح أبواب وأفاق جديدة للربح والسيطرة.  وبالتالي كان الخيار الليبرالي في تحرير الاقتصاد فقط، بما سمي وقته اقتصاد السوق الاجتماعي، محاولة من قبل السلطة لتدارك ما خسرته من قبل في ظل الاغلاق، وضمانا للمشاركة في أسواق جديدة، وتوسيع قاعدة المستفيدين، على حساب توسيع قاعدة المتضررين مصلحيا، فالتحالف الحالي هو مع السياسات النيوليبرالية والاحتكارية، في وجه جيش العبيد العاطل عن العمل، والمكمم والممنوع من التعبير عن نفسه في اطار أحزاب أو قوى أو نقابات تدافع عنه، وبالتالي كانت حربا اقتصادية مفتوحة ضد مجتمع أعزل، تستخدم فيها كل وسائل الحط من الكرامة والاذلال اليومي.
هذه هي خلفية ما يعرض اليوم عبر الاعلام في ما يصنف واقعيا ضمن فئات برامج الواقع. Reality show. شعب منتفض ضد حكم الاستبداد الذي طال لعقود طويلة من جهة، وفي المقلب الآخر قوى الجيش والأمن والشبيحة والمال المبيض عبر قنوات الفساد، تدعمهم وسائل اعلامية رخيصة ذات بعد لاعقلي ولا أخلاقي واحد تحض على نشر القتل والفتنة كثقافة عامة لمشاهديها، وتبرر أعمال القتل والذبح والمجازر الجماعية والجرائم ضد الانسانية من زاوية المصلحة الطبقية الضيقة ذات الرائحة المنتنة المطعمة بالحديث الوطني الأجوف الذي يتماهى فيه الوطن مع البلد مع السلطة مع القائد ويصبح المطلب الشعبي بالحرية كفرا علنيا وعضا لليد التي أطعمت هذه العبيد الجاحدة !.  في حين لا تتواجد وسائل وأجهزة اعلامية مستقلة ولا كوادرها لنقل ما يحدث، فتم اللجوء الى كاميرات الموبايلات الهاوية للشباب المتظاهرين وبعض المندسين في الجيش والأمن، لتنقل الأحداث من زوايا رؤية غير محايدة، لا بل ومحايثة لنزيف الدم اليومي، تدخل الى أكثر الزوايا اظلاما من مملكة العتمة، ليتحقق بذلك البعد الأول المنقول مباشرة الى الخارج. أي برنامج واقع المجزرة. ويتجلى البعد الثاني في تأثير وتفاعل البعد الأول، أي ما يظهر على الاعلام الخارجي، على الداخل السوري في ارتداد مدهش، يضمن اثراءا للتجربة وتصعيدا وحوارا عميقا بين الجموع وعقولها المنتفضة، وتقويما مستمرا للفعل مع رفع عوامل الأمان والحماية، وهذا يمثل فعلا جمعيا معرفيا، يقوم به مجتمع يتعرض للتخويف والقتل والاغتصاب والتمثيل بجثث أبطاله وأيقوناته، في محاولة السيطرة عليه واعادته الى الحظيرة الاستبدادية.
 ونرى أثرا اضافيا لهذا الارتداد سأسميه ظاهرة الدفيئة السورية أو مفعول البيت الزجاجي، وهو المساهمة في رفع درجة حرارة الداخل، وزيادة احتقانه، والمس أخلاقيا بالدرجة الأولى ومصلحيا بالدرجة الثانية بشرائح تمتد من بروليتاريا المجموع السوري الى برجوازيته الصغيرة المفقرة حديثا التائهة نسبيا بين محطات التلفزة والمصلحة، وصولا الى البرجوازيات الكبيرة ذات الارتباطات والمصالح مع السلطة والداعم الرئيسي لها وخاصة منها فئات رجال الأعمال الجدد. الذين بدأت تطاردهم أرواح الشهداء والعقوبات الاقتصادية. وهذه الدفيئة ستكون المسؤولة عن ذوبان الثلج المتراكم لعقود حول العقد الاجتماعي القديم المفروض بدستور البعث الحاكم، المشرع لهيمنة الحزب وخلفه الطائفة وخلفه العائلة وخلفهم القائد، والذي قام بوضع قوى المجتمع الحية في براد (فرايزر) العقل الأمني. وهي ستكون مسؤولة أيضا عن ارتفاع منسوب الاحتجاجات تزامنا مع ذوبان الجليد وتكشف العيوب، ووصولها الى مناطق مرتفعة نسبيا لم تعمدها ماء الحقيقة من قبل. وهو ما سيسبب تصدعات مصلحية كبيرة في الحلف الحاكم، رغما عنهم وعن خلفياتهم المتماثلة، وعن انتمائهم الانساني المشكوك به، فما بالكم بالعروبي أو الاسلامي أو حتى المقاوم والممانع.

No comments:

Post a Comment